رجل عبقري لم
تنصفه الأقلام
كتبه: غلام سيد علي العليمي
دارالعلوم العليميه جمدا شاهي،بستى
ذات يوم كنت في غاية
التفكير والإمعان أننا حنفيون لأننا نتبع مسلك الفقه الذي اجاد به الذهن الصيقل
والنظر الثاقب للإمام أبي حنيفة نعمان بن ثابت رحمه الله،ونحن ماتريديون لأننا
ننظر إلى إرشادات الإمام أبي منصور الماتريدي السمرقندي رحمه الله في المسائل
الإعتقادية الفروعية،امّا الإمام أبو حنيفة رحمه الله فقد نعلم أنه كان ولد سنة ٨٠ھ وانتقل إلى جوار ربه سنة ١٥٠ھ،كان هو
رحمه الله فارسياً نسباً و كوفياً مسكناًو تاجراً مهنةً،نحن نقرأ و نعي ان الإمام
رحمه الله إشتغل بالفقه فجاد و فاق اقرانه حتى قال الإمام الشافعي رحمه الله : الناس
في الفقه عيال على أبي حنيفة ([1])،وقال
علي بن عاصم: لو وزن علم الإمام أبي حنيفة بعلم اهل زمانه،لرجح عليهم،([2])وقال
حفص بن غياث : كلام ابي حنيفة في الفقه أدق من الشعر،لا يعيبه إلا جاهل([3])،هذا
وما إلى ذلك من مناقب الإمام و شخصيته الفذاء المكتوبة في كتب الطبقات و التراجم
في شتى اللغات العالمية و المحلية.
وأما الإمام الماتريدي
فلم اتمكن من إحضار شخصيته على شاشة الذهن اللهم إلا أنه كان من أئمة الكلام مثل الإمام
الأشعري رحمه الله تعالى الذي قرأت شيئاً منه في شرح العقائد للتفتازاني،ثم تفكرت
في طرق الإطلاع عليه ،فلما انتهيت الى هذا الإمام في كتب الطبقات والتراجم تتسيرلي
فرأيت أغلبها مهملة و تاركة ذكرياته وما وجدته لا يزيد على شيئ من ورقٍ،ساذكر ما
رايته في كتب التراجم الشهيرة علي نمط
النموذج فقال صاحب الجواهر المضيئة في طبقات الحنفية:
"محمد" بن محمد بن محمود أبو منصور الماتريدي من كبار
العلماء تخرج بأبي نصر العياضي كان يقال له إمام الهدى له "كتاب
التوحيد" و "كتاب المقالات" و "كتاب رد أهل الأدلة"
للكعبي و"كتاب بيان أوهام المعتزلة" و"كتاب تأويلات القرآن"
وهو كتاب لا يوازيه فيه كتاب بل لا يدانيه شيء من تصانيف من سبقه في ذلك الفن. وله
كتب شتى. مات سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة. بعد وفاة أبي الحسن الأشعاري بقليل وقبره
بسمرقند كذا وجدته بخط شيخنا أبي الحسن علي الحنفي ورأيت بخط شيخنا قطب الدين عبد
الكريم سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة رحمه الله تعالى.([4])،وهكذا
في طبقات المفسرين
لأحمد الأدنروي
وقال ابو الحسنات عبد
الحي فرنجي محلي اللكنوي:
"محمد بن محمد من
محمود ابو منصور الماتريدي ،امام المتكلمين،و مصحح عقائد المسلمين،تفقه على ابي
بكر احمد الجوزجاني عن ابي سليمان الجوزجاني عن محمد و تفقه عليه الحكيم القاضي اسحاق بن محمد
السمرقندي و علي الرستغفني و ابو محمد عبد الكريم بن موسى البزدوي،و صنف التصانيف
الجليلة و رد اكاذيب اقوال اصحاب العقائد الباطلة،له كتاب التوحيد و كتاب المقالات
و كتاب اوهام المعتزلة و رد الاصول الخمسة لأبي محمد الباهلي و رد الامامة لبعض الروافض
والرد على قرامطة و ماخذ الشرائع في الفقه و الجدل في اصول و غير ذلك مات ثلث و ثلثين و ثلث مائة"([5])
لقد قامت علي حيرتي و
استعجابي حينما كشف أن أغلب كتب التراجم التي تستند ،لا توجد فيهاترجمته العلمية ولا
تعثر خدماته الدينية الفقهية و الكلامية،انظرإلى هذه قائمة للكتب التي لقد اۥهملت فيهاشخصيته الغالية ونفيت
جهوده الجليلة
(١) فهرس العلوم : ألفه أبو الفرج محمد بن
إسحاق بن محمد الوراق البغدادي المعتزلي الشيعي المعروف بابن النديم (المتوفى:
438هـ) أحصى ابن النديم 8360
كتابًا لـ 2238 مؤلفًا، منهم 22 امرأة و65 مترجمًا، وفيه ترد أسماء 12 كتابًا في
صناعة السلاح وتنظيم الجيوش، و9 كتب في تركيب العطور، و11 كتاب في الطبخ، و11
كتابًا في الصيدلة، و6 كتب في البيزرة والصيد، و9 في البيطرة، وثلاث صفحات في
الكتب المؤلفة في العشق والعشاق، ومعظمها لم يصلنا منه غير وصف ابن النديم له.
وذكر ابن النديم قرابة 45 رياضيًا أعجميًا ونحو 120 عالمًا عربيًا.([6])
(٢) وفيات الاعيان فى انباء ابناء الزمان: للقاضى
شمس الدين ابي العباس احمد بن محمد المعروف بابن خلكان البرمكي الاربلي الشافعي
المتوفى في رجب سنة ٦٨١ احدى و ثمانين و ستمائة ،قال حاجى خليفة : لم يقتصر(ابن
خلكان) فيه على طائفة مخصوصة مثل العلما والملوك بل ذكر كل من له شهرة بين الناس و
يقع السؤال عنه و أتى من احواله بما وقف على مع الايجاز و اثبت وفاته مولده ان قدر
عليه و رفع نسبه و قيد من الالفاظ ما لا يؤمن يصحيفه و ذكر من محاسن كل شخص ما
يليق به من مكرمة او نادرة او شعر او رسالة ليتفكه به متأمله،([7])
(٣) الوافي
بالوفيات: قال صاحب كشف الظنون :الوافي بالوفيات لصلاح
الدين خليل بن ايبك الصفدي المتوفي سنة ٧٦٤ اربع و ستين و سبعمائة ،جمع فيه تراجم
الاعيان و نجباء الزمان ممن وقع عليه اختياره،فلا يغادر احدا من اعيان الصحابة و
التابعين و الملوك و الامراء و القضاة و العمال و القراء و المحدثين والفقهاء و
المشائخ و الصلحاء و الاولياء و النحاة و الأدباء والشعراء والاطباء والحكماء
واصحاب النحل و البدع و الآراءواعيان كل فن ممن اشتهر او اتقن الا ذكره و ذكر كل
من فتح فتحا يسره او خيرا قرره او جودا
ارسله او رايا اعمله او حسنة اسداها او سيئة ابداها او بدعة سنها و زخرفها او
كتابا وضعه او تأليفا جمعه او شعرا نظمه او نثرا احكمه فازاداد النفع به للمحدث و
الأديب۔([8])
(٤) شذرات الذهب في أخبار من ذهب:
لعبد
الحي بن أحمد العكري الدمشقي( 1032 ۔1089)، قال المؤلف بعد حمد الله تعالى و الصلوة على نبيه صلى
الله عليه وسلم وصفاًعن هذا الكتاب؛
فهذه نبذة جمعتها تذكرة لي ولمن تذكر
وعبرة لمن تأمل فيها وتبصر من أخبار من تقدم من الآماثل وغبر وصار لمن بعده مثلاً
سائراً وحديثاً يذكر جمعتها من أعيان الكتب وكتب الأعيان ممن كان له القدم الراسخ
في هذا الشان ۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔۔ أن أجعله دفتراً جامعاً لوفيات أعيان الرجال وبعض ما
اشتملوا عليه من المآثر والسجايا والخلال فإن حفظ التاريخ أمر مهم ونفعه من الدين
بالضرورة علم لا سيما وفيات المحدثين والمتحملين لأحاديث سيد المرسلين ۔۔۔([9])
(٥) مقدمة إبن خلدون: سماه المصنف قاضى القضاة عبد الرحمن بن
محمد ابن خلدون الاشبيلي الخضرمي المتوفى سنة ٨٠٨ ثمان وثمان مائة ب"كتاب
العبر و ديوان المبتدأ و الخبر في ايام العرب و العجم و البربر"وهو على مقدمة
و ثلاثة كتب،المقدمة في فضل علم التاريخ و الكتاب الاول في العمران و مايعرض فيه و
هذا الكتاب الاول ذهب باسم المقدمة حتى صار علما عليها،والكتاب الثاني في اخبار
العرب منذ بدء الخليفة و دول المعاصرين لهم،والكتاب الثالث في اخبار البربر بديار
المغرب۔([10])
(٦) طبقات المفسرين : تأليف
جلال الدين عبدالرحمن بن أبي بكر السيوطي) ت
911 هـ(
رتب المؤلف تراجم المفسرين ترتيباً هجائياً، ويذكر أن عدد التراجم فيه ست وثلاثون ومائة ترجمة.([11])
رتب المؤلف تراجم المفسرين ترتيباً هجائياً، ويذكر أن عدد التراجم فيه ست وثلاثون ومائة ترجمة.([11])
(٧) سيراعلام النبلاء : للحافظ
شمس الدين محمد بن احمد الذهبي المؤرخ المتوفى ٧٤٨ ثمان و اربعين و سبع مائة وهو
من جملة ما اختصره من تاريخه الكبير في نحو عشرين مجلدا مرتبا على التراجم بحسب
الوفيات۔([12])
مما لا شك فيه ان هذه الكتب يعد من اهم الكتب
التراجم ،ولكن مع الاسف الشديد اقول انك لا تجد فيها شخصية الإمام الماتريدي الذي
ينتمي اليه عدد خطير من هذه الأمة،ولا تختلف هذه الحالة في الفرق للبغدادي،الملل
للشهر ستاني،وغيرها۔
والكتب التي تأتى بمآثره لن تجاوز على عدد
الأنامل، فمنها الجواهر المضيئةللقريشي و تاج التراجم لإبن قطلبغاو فوائد البهية
للكنوي۔
لماذا نسيه المذّكّرون؟ لماذا اخفاه
المشتهرون؟لماذا مااتى بشخصيته المترجمون؟
هذه
الاسئلة تنتطر الى اجوبتها،هل من مجيب؟
0 Comments